الذبح باسم الله: قمة الرحمة أم قاع الوحشية؟

AbuFareed · 2025-10-25
هل من المنطقي أن يكون قطع الحلقوم باسم الله… رحمة؟ هل يُعقل أن يكون الذبح والتذكية، بكل طقوسها الدقيقة المليئة بالتفاصيل، أكثر من مجرد عنف مشرعن أو طقس ديني عبثي؟ أليست الرصاصة، أو الكهرباء، أرحم من إراقة الدم بآلة حادّة؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه انتقامًا متوحشًا باسم العدالة الإلهية؟ من نظرة بعيدة، يبدو المشهد بربريًا، همجيًا، ووحشيًا. لكن، لماذا لا يكون رحيماً بطريقة لا نستوعبها، ونحن نعيش تحت مخداتنا الحريرية، نُصدر أحكامًا من فوق أسرتنا المهترئة؟ الذبح سواء للماشية أو للإنسان ( كلاهما حيوانات بيولوجيًا ) ليس فعلًا مجردًا من الإنسانية كما يتصوره البعض، بل هو عقيدة كاملة، هدفها ليس إنهاء الحياة بقدر ما هو حفظ الحياة، وتكريمها، وتطهيرها في لحظاتها الأخيرة… سواء كانت تلك اللحظات لسَواكنيٍ حُرم من أمه بعد الفطام، أو لشاب عدواني يحمل كراهية للمجتمع منذ مراهقته. "بسم الله، الله أكبر"… أربع كلمات فقط، لتأخذ الروح إذن الخروج من خالقها. بحركتين فقط، من الأعلى للأسفل، أو من اليمين لليسار، يتحوّل المشهد إلى لوحة صامتة بلونٍ أحمر. تهدأ الأصوات… وتخرج الروح، طريقة تطلب منك أن تحدّ سكينك، لا لتُرهب، بل لئلا تقاومك الأنسجة. أن تمررها برحمة على الحلقوم، المريء، والودجين، ليرى الدم النور… دون أن يشعر المذبوح سوى ببرودة حديدٍ عابر. قال ﷺ: "إنَّ الله كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسِنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذِّبحة، وليُحدَّ أحدُكم شفرتَه، وليرح ذبيحتَه." فما المنطق في الحديث عن إراحة الذبيحة، وهي ستموت خلال لحظات؟ ما الغاية من هذا الحنان؟ هنا مربط الفرس: أن الإحسان في كل شيء… أمر إلهي، لا عبث فيه. لا لأن الضحية قد تعود للحياة، بل لأن كل مخلوق من مخلوقات الله… يستحق الرحمة في ختامه. في أشد المواقف شدةً، لم تختفِ الأخلاق. في ذروة الدم، لم يغِب الإحسان. فهل يُعقل أن قطع الأربعة بالضبط هو الطريق الأرحم؟ عندما تقطع الحلقوم، المريء، والودجين (الوريدين الأساسيين في الرقبة)، بشكل مباشر أو بضربة سيف واحدة، فإن الوعي يتلاشى خلال خمس ثوانٍ فقط. وتتحوّل الكائنات الحية إلى جثث لا تحس، ولا تشعر، ولا تعاني. آخر الدراسات في الطب البيطري أكدت أن الحيوان المذكى تنقطع عنه إشارات الألم خلال ثوانٍ قليلة. وإن شعر بشيء، فهو برودة السكين فقط. في دراسة منشورة، أظهرت الحيوانات المذبوحة بالطريقة الإسلامية هدوءًا عصبيًا ملحوظًا، مقارنة بطرق القتل الأخرى، بل انتقلت إلى الموت في سلاسة عصبية تكاد تكون نادرة. ضربة واحدة، بدون تشويش، بذكر اسم الله، وبرحمته… أم صدمات كهربائية تحرق الجسد من الداخل، أمام جمهور يتفرج، في مشهد مُقزز لكل أجهزة الإنسان؟ أيهم أرحم فعلًا؟ "بسم الله، الله أكبر" ليست مجرد بروتوكول لفظي… بل هي نية، ومعنى، واستئذان من الخالق… وتقدير حقيقي للحظة الخروج من الحياة. في نهاية المطاف، لا يُقاس الفعل أو المشهد بعدائيّته وحدّته، بل بنيّته. ولا يُقاس بعدد القطرات، ولا بحجمها… فكل قطرة سواء. الرحمة في هذا الطقس الديني ليست غيابًا للألم، ولا غيابًا للأخلاقيات، بل حضورٌ للقصد النقي في قلبه. فالقصاص حياةٌ وتطهير، والتذكية تشريع وتقوية، ومن يشاهد كلا المشهدين سيستذكر الحقيقة المطلقة الأولى في الحياة: "كل من عليها فانٍ." وهنا نعود لسؤالنا الأول… هل الذبح باسم الله قمة الرحمة؟ أم قاع الوحشية؟ الجواب… ليس في الآلة الحادّة، ولا في الجثة المسجّاة. بل في اليد التي تمسكها، والقلب الذي نواها، وأخيرًا… في الرب الذي أُخذ إذنه قبل أن تُراق أول قطرة دم.
💬 0

التعليقات

🔑 سجّل الدخول للتعليق أو الإعجاب.

لا توجد تعليقات بعد.